من الداخل الفلسطيني إلى مواطن الشتات، إلى مختلف العواصم العربية والإسلامية، أحيت جماهير الأمة الذكرى الستين لاحتلال فلسطين من قِبَل العصابات الصهيونية، في ذات الوقت الذي أحيا فيه الصهاينة ذات الذكرى من منطلق آخر، عنوانه "الاستقلال"، أو تحقيق "الحلم" الذي طاردوه ثلاثة آلاف عام دون توقف كما يقولون. ولا يخفى ما لذلك من دلالات بالغة الأهمية لهذا الذي يجري، أكان في سياقه الفلسطيني العربي الإسلامي، أم في سياقه الآخر المناقض.
في السياق الصهيوني يمكن القول: إن محاولة إخفاء الأبعاد الحقيقية للاحتفال لم تكن لتنجح بحال، فهنا ثمة كيان ما يزال وجوده- مجرد وجوده- موضع جدل، ولو لم يكن كذلك لما كان ثمة حاجة إلى كل هذه الاحتفالات التي يحضرها زعماء كبار من العالم، لكأنهم يريدون تأكيدًا من أولئك الزعماء، ومن تلك الدول التي يمثلونها، على أن هذا الكيان وُجِدَ وسيبقى، وإلا.. فأين هي الدولة التي تحتفل بذكرى إنشائها بهذه الطريقة؟!
إنهم يستجدون الأمان وسط منطقة تحاصرهم وتهددهم، وتبشرهم بأن بقاءهم في فلسطين أكثر من مستحيل، فتراهم يحتفلون بأي زعيم غربي يأتي أو يصرّح بما يمنحهم جرعة من الطمأنينة، وقد جسّد بوش هذه المهمة بحميمية استثنائية، استحضر خلالها النصوص التوراتية، إلى جانب الوعود العرمرية بسحق أعداء الدولة العبرية!
ليس ثمة الكثير خارج هذا السياق (الدعم الدولي) ما يطمئنهم إلى استمرار وجودهم، وكل ما يقوله سياسيوهم ومثقفوهم عن الإبداع وعن المعجزة الاقتصادية، وسوى ذلك مما يرفع المعنويات، لا يبدو مجديًا، فهنا ثمة دولة تطاردها الحروب، بل الهزائم! بعدما أنهت هي حروب التأسيس، من الكرامة إلى 73 إلى أيار عام 2000 إلى تموز 2006، وبينهما انتفاضة الأقصى التي أعادتهم إلى هواجس التهديد الوجودي، وصاغت معادلة جديدة في الوعي الفلسطيني بتكريسها لثقافة المقاومة والاستشهاد، التي كرّستها الحالة الإسلامية بقيادة حماس والجهاد، والتي فرضت معادلة الأسلمة للصراع الذي جعل فضاء العداء للكيان الصهيوني أوسع بكثير من ذي قبل.
يحيلنا هذا إلى السياق الفلسطيني والعربي والإسلامي لإحياء الذكرى، وهو إحياءٌ تابعنا فصوله في مختلف العواصم العربية على نحوٍ يبشّر بقدرة هذه الأمة على الانتصار لقضاياها من دون كلل أو ملل. مهرجانات ومسيرات واعتصامات ومعَارِضُ ونشاطات عبر الإنترنت تثير الارتياح، ما يؤكد أن الأمة قد تختلف على كل شيء، لكنها تلتقي على فلسطين.
ثمة جانب بالغ الأهمية فيما جرى، إضافة إلى ما يعنيه من إصرار فلسطيني عربي إسلامي على استعادة فلسطين ودعم برنامج المقاومة لاستعادتها، إنه ذلك المتمثل في رفض الجماهير لمقولات التسوية، فهذه الذكرى هي ذكرى الاحتلال الأول لفلسطين، وليس الاحتلال الثاني. إنه إعلان رفضٍ لمبدأ الاعتراف بالدولة العبرية، حتى لو وافقت على منح الفلسطينيين دولة على الأراضي المحتلة عام 67.
إنها رسالة بالغة الأهمية للمجاهدين تؤكد لهم أن أمتهم معهم، كما تؤكد على ضرورة رفض الاعتراف بهذا الكيان الغاصب مهما كانت المبررات، في ذات الوقت الذي تبشّرهم بأن زمن الانتصار آت لا محالة، إذ لن يضيع حقٌّ تُدفَع الدماء تلو الدماء من أجل استعادته.
نعم، ثمة حزن، وثمة غضب في هذه الذكرى، لكن الأمل هو سيد الموقف في عقول أمتنا وقلوبها، تمامًا كما أن الخوف والذعر هو سيد الموقف في الطرف الآخر.
. سيقول المهزومون: إننا نبيع الوهم، لكنها الحقيقة التي تؤكدها وقائع التاريخ القديم والحديث والمعطيات السياسية وغير السياسية، وهم لن يحتفلوا
في السياق الصهيوني يمكن القول: إن محاولة إخفاء الأبعاد الحقيقية للاحتفال لم تكن لتنجح بحال، فهنا ثمة كيان ما يزال وجوده- مجرد وجوده- موضع جدل، ولو لم يكن كذلك لما كان ثمة حاجة إلى كل هذه الاحتفالات التي يحضرها زعماء كبار من العالم، لكأنهم يريدون تأكيدًا من أولئك الزعماء، ومن تلك الدول التي يمثلونها، على أن هذا الكيان وُجِدَ وسيبقى، وإلا.. فأين هي الدولة التي تحتفل بذكرى إنشائها بهذه الطريقة؟!
إنهم يستجدون الأمان وسط منطقة تحاصرهم وتهددهم، وتبشرهم بأن بقاءهم في فلسطين أكثر من مستحيل، فتراهم يحتفلون بأي زعيم غربي يأتي أو يصرّح بما يمنحهم جرعة من الطمأنينة، وقد جسّد بوش هذه المهمة بحميمية استثنائية، استحضر خلالها النصوص التوراتية، إلى جانب الوعود العرمرية بسحق أعداء الدولة العبرية!
ليس ثمة الكثير خارج هذا السياق (الدعم الدولي) ما يطمئنهم إلى استمرار وجودهم، وكل ما يقوله سياسيوهم ومثقفوهم عن الإبداع وعن المعجزة الاقتصادية، وسوى ذلك مما يرفع المعنويات، لا يبدو مجديًا، فهنا ثمة دولة تطاردها الحروب، بل الهزائم! بعدما أنهت هي حروب التأسيس، من الكرامة إلى 73 إلى أيار عام 2000 إلى تموز 2006، وبينهما انتفاضة الأقصى التي أعادتهم إلى هواجس التهديد الوجودي، وصاغت معادلة جديدة في الوعي الفلسطيني بتكريسها لثقافة المقاومة والاستشهاد، التي كرّستها الحالة الإسلامية بقيادة حماس والجهاد، والتي فرضت معادلة الأسلمة للصراع الذي جعل فضاء العداء للكيان الصهيوني أوسع بكثير من ذي قبل.
يحيلنا هذا إلى السياق الفلسطيني والعربي والإسلامي لإحياء الذكرى، وهو إحياءٌ تابعنا فصوله في مختلف العواصم العربية على نحوٍ يبشّر بقدرة هذه الأمة على الانتصار لقضاياها من دون كلل أو ملل. مهرجانات ومسيرات واعتصامات ومعَارِضُ ونشاطات عبر الإنترنت تثير الارتياح، ما يؤكد أن الأمة قد تختلف على كل شيء، لكنها تلتقي على فلسطين.
ثمة جانب بالغ الأهمية فيما جرى، إضافة إلى ما يعنيه من إصرار فلسطيني عربي إسلامي على استعادة فلسطين ودعم برنامج المقاومة لاستعادتها، إنه ذلك المتمثل في رفض الجماهير لمقولات التسوية، فهذه الذكرى هي ذكرى الاحتلال الأول لفلسطين، وليس الاحتلال الثاني. إنه إعلان رفضٍ لمبدأ الاعتراف بالدولة العبرية، حتى لو وافقت على منح الفلسطينيين دولة على الأراضي المحتلة عام 67.
إنها رسالة بالغة الأهمية للمجاهدين تؤكد لهم أن أمتهم معهم، كما تؤكد على ضرورة رفض الاعتراف بهذا الكيان الغاصب مهما كانت المبررات، في ذات الوقت الذي تبشّرهم بأن زمن الانتصار آت لا محالة، إذ لن يضيع حقٌّ تُدفَع الدماء تلو الدماء من أجل استعادته.
نعم، ثمة حزن، وثمة غضب في هذه الذكرى، لكن الأمل هو سيد الموقف في عقول أمتنا وقلوبها، تمامًا كما أن الخوف والذعر هو سيد الموقف في الطرف الآخر.
. سيقول المهزومون: إننا نبيع الوهم، لكنها الحقيقة التي تؤكدها وقائع التاريخ القديم والحديث والمعطيات السياسية وغير السياسية، وهم لن يحتفلوا
بعون الله بالذكرى الثمانين، بل سنحتفل نحن بإذن الله، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله
ياسر الزعاترة